جورج حبش أيقونة فلسطين
الشاعر : محمود درويش
للحكيم ...جورج حبش في المخيّلة الفلسطينية مكانة الأيقونة. حتى الذين اختلفوا معه على معالجة المعقّد بالبسيط والبداهة، أحبوه واحترموه، وأصيبوا في صحبته بعدوى الأمل من فرط ماهو صادق وشفاف، كان كثيراً مايحيل السؤال السياسي المركب إلى مسألة أخلاقية، وموعظة تبشيرية في فقه الحقوق والكرامة الوطنية. فلا شيء في نظره يبرر المساومة مع الظلم التاريخي الذي اقتلع شعباً من وطنه، وطالبه بتقديم البرهان على وجوده. كان علماني التفكير والسلوك.. وأصولياً وطنياً، بالمعنى المعاكس لما هو رائج الآن، في الدفاع عن هويته الوطنية التي لم يجد لها معنى خارج هويته القومية. ومتحصناً بثبات المبادئ وتحولات الوسائل، كان من اشد المدافعين عن التعددية والوحدة الوطنية، وحل الخلاف في الرأي بالحوار..بالحوار فقط. لا بالسلاح والانشقاق.
كانت بنيته الفكرية والأخلاقية الواضحة شديدة الإحكام والتماسك والعناد. تمتع بكاريزما قيادية نادرة تستعصي على التفكيك. وحين ينزل عن المنبر الملتهب بكلماته الناريّة، وتجلس إليه في خلوة حميمية تستشعر بأنك في رفقة أب حنون ٍ أو صديق حميم .. هادئ وشديد الدماثة.. يتقن الاستماع إليك، وكأنه يريد ان يعرف منك أكثر ما تريد أن تعرف منه . إنه تواضع الكبار الذين ينصتون إلى إيقاع الزمن المتغير.
رحل في عام النكبة الستين، دون أن يشفى من جراح النكبة، لا لأنها كانت تراجيديا تاريخية كبرى.. بل لأنها مازالت مستمرة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق