جورج
حبش المتفوق على أقرانه في الكلية الأرثوذكسية في مدينة يافا
م.
هاني النابلسي
جورج حبش من مواليد مدينة اللّد ولد عام
1925, وتبعد اللّد عن مدينة يافا مسافة 20 كلم . بعد إنجازه المرحلة الابتدائية
أقام في مدينة يافا وانتسب إلى الكلية الأرثوذكسية تلك الكلية الرائعة التي تضم
طلاباً من المسلمين والمسيحيين في تآخي ليس له مثيل وبعد تخرج جورج حبش من الكلية
الأرثوذكسية ونال الشهادة الثانوية العامة الحكومية عام 1944 بامتياز عين مدرساً
لمادة الإنشاء العربي للصفين العاشر والحادي عاشر .
عرفت جورج حبش كما عرفه غيري من طلاب
الكلية, من خلال احتفال الكلية في نهاية كل شهر بتوزيع جلاءات الطلاب الحائزين على
المراكز الأول والثاني والثالث من كل صف وكانت العادة أن يحمل الأول على الكلية
بأكملها طبق الجلاءات ويسير أمام المدير العام والأساتذة وسط تصفيق حار من جميع
طلاب الكلية ودائماً كان جورج حبش في المقدمة يسير مرفوع الرأس يتمتع بالشهامة
والوسامة محط أنظار الجميع إلا أنه لم يكن يمارس الرياضة واللعب والمزاج مع طلاب
الكلية وكان الجميع ينظر إليه بإعجاب وتقدير واحترام .
بعد أن أنجز جورج حبش الثانوية العامة
عام 1944 كنت أنا في الصف الثامن الابتدائي وبالطبع لم يكن بيننا معرفة مباشرة سوى
إعجاب من طرف واحد ونظراً لبلاغته, عُيّن أستاذاً لمادة الإنشاء العربي في الكلية
الأرثوذكسية واستمر في تدريس هذه المادة عامي 1945 / 1946 قبل التحاقه بالجامعة
الأمريكية في بيروت لدراسة الطب عام 1947 ظهرت معالم جورج حبش الوطنية من خلال
تدريسه مادة الإنشاء العربي فكان يقف أمام الطلاب أستاذاً وخطيباً ينبه ويوضح
مخاطر الصهيونية ويحث الطلاب على التظاهر وكانت مواضيع الإنشاء التي يطلبها تدخل
في صميم القضية الفلسطينية كان من بين تلاميذه أخي محمد سعيد النابلسي الذي كان
معجباً إعجاباً شديداً بجورج حبش وكان يطلعني على مواضيع الإنشاء المطلوبة منه
ويقرأ لي ما أعده لأستاذه جورج حبش بفخر واعتزاز. أن النبل والحكمة والرؤية بعيدة المدى والإحساس بالخطر . كلها
تظهر على مقاعد الدراسة أما الإيمان العميق بالقضية فهو نتيجة حتمية لهذه الصفات
العظيمة .
لم يكن في يافا من يصدق أن اسرائيل سوف
تحتل مدينة يافا عام 1948 وتطرد أهلها بالقوة وتدفع بهم إلى الشاطئ بانتظار وصول
مراكب تنقلهم إلى صيدا وغزة , لم يكن هناك إبان الكارثة زعماء يقفون في وجه
الكارثة ويمنعون السكان من التوجه إلى الشاطئ لم يكن هناك قيادة حقيقية أو رؤية
مستقبلية لهول الكارثة .
من المؤلم والمحزن أني تعرفت على جورج
حبش شخصياً وهو مثلي الأعلى في يافا عندما قام وفد من الجامعة الأمريكية ضم جورج
حبش وضمني بزيارة اللاجئين في صيدا تعرفت عليه كإنسان يتمتع بالإيمان والشجاعة
والحكمة .
رحم الله جورج حبش وبارك بأمثاله من
الشهداء والمناضلين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق