جورج
حبش الأكثر استنارة
-
د. سمير أمين-

فمن
الذي سيحرر الشعب الفلسطيني ؟ هل هم العرب المتحدون حول الفلسطينيين ؟لا شك أن حبش
قد ساورته في أول الأمر بعض الأوهام الرومانسية بهذا الشأن, بل إنه لفترة ما , كان
يتوقع أن تقوم الدولة الوطنية الناصرية بهذه المهمة . ولكنه لم يستسلم تماماً لهذه
الأوهام , والدليل انه اختار للحركة التي أسسها اسم " الحركة القومية "
معبراً عن توجهه للجماهير الشعبية واليسار خاصة الشيوعيين لا للحكومات أو الأحزاب
العربية ,وقد اختار الإستراتيجية نفسها عندما أسس " الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين " .
وقد
نادى حبش بقيام دولة ديمقراطية علمانية واحدة تضم جميع سكان فلسطين على قدم
المساواة دون تفرقة بينهم على أساس الجنس, أو الدين , وفي لبنان رفض أن تنضم حركته
إلى بعض التحالفات مع القوى الخارجية أو الإقليمية كما فعلت بعض التنظيمات
الفلسطينية الأخرى . لقد حافظ على الدوام على استقلالية حركته , كما احترم
استقلالية الشعوب العربية الأخرى .
وهذه
الاختيارات المستنيرة دفعته للوقوف إلى جانب القوى التي تعمل على اكتشاف "
الطريق نحو اشتراكية القرن الواحد والعشرين " فقد كان حبش ماركسياً غير جامد
( وقرأ ماركس بإمعان وتدقيق في أثناء سجنه )
لذلك لا نندهش عندما نجد أن حركة جورج حبش " الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين " صارت العدو رقم واحد الذي يجب القضاء عليه في نظر
إرهابيي دولة اسرائيل والمدافعين عنهم من الأمريكيين والأوروبيين , كذلك نظرت لها
بعض المنظمات الفلسطينية كمنافس قوي في الحصول على تأييد الجماهير الفلسطينية,
ولهذا كان من أولويات الحكومة الإسرائيلية أن تدمر حركة المقاومة الديمقراطية
العلمانية هذه التي تنزع أية مظاهر للشرعية عن ممارسات الأبارتهيد الصهيونية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق